بحكمته- ما في طبيعتهم السابقة من قسوة وشدة، يوجههم إلى أن يكفوا أيديهم ويقيموا الصلاة، فكان أن لانوا، ورقت طبائعهم وكفوا أيديهم وتحملوا من قريش ما تهيج به النفوس في غير جبن وفي غير عجز، ولم يسجل التاريخ حادثة دافع فيها مسلم في مكة عن نفسه بالسيف مع كثرة الدواعي الطبيعية إلى ذلك وقوتها، وذلك غاية ما روي في التاريخ من الطاعة والخضوع، حتى إذا تعدت قريش في الطغيان وبلغ السيل الزبى أذن اللَّه لرسوله ولأصحابه بالهجرة: وهاجروا إلى يثرب وقد سبقهم إليها الإسلام) (?).

ومنذ بعثته -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى زمن هجرته وما بينهما من تفصيلات تاريخية كانت نماذج الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة تتجلى في أجمل صورها في ميدان التربية والتعليم والتهذيب والتضحية والفداء (?)، ولا يتسع المجال لاستعراض تلك الصور أو معظمها، ولكن تكفي الإشارة إلى موقفين تجلت فيهما الأخوة الإسلامية بصورة لم يشهد التاريخ لها مثيلًا:

الأولى: ما يذكر في بعض مصادر السيرة من أنَّ عليًا بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- وكرم وجهه نام على فراش الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لدى مغادرته داره في أعقاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015