[الأعراف: 76]: (أخبر سبحانه أنَّ الرفعة عنده ليست بمجرد العلم،. . . وإنما هي باتباع الحق وإيثاره، وقصد مرضاة اللَّه. . . والمعنى: لو شئنا فصّلناه وشرفناه ورفعناه قدره ومنزلته بالآيات التي آتيناه (?).
وحاصل ذلك أن الشرف والرفعة وعلو المنزلة تكمن في الالتزام بمنهج الإسلام، وما يتصل بذلك التميُّز من لوازم، فإذا لم يتحقق ذلك فإنَّ مثل من بلغه الإسلام ولم يرفع به رأسًا {كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176].
ومما يؤيد هذا الاستنتاج أيضًا؛ النظر في سياق الآية إذا جاءت عقب قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 172] فقد رسمت هذه الآيات خطًا واضحًا متميزًا ألزم اللَّه جلَّ وعلا النّاس بسلوكه وانتهاجه وعاب عليهم الاحتجاج بصنيع الآباء إذا كان باطلًا ومخالفًا للعهد والميثاق الذي عاهدهم عليه وواثقهم به؛ سواء (حين كانوا في عالم كالذر أو إشارة إلى ما أودع في فطرهم من الاستسلام والخضوع للَّه جَلَّ وعلا والإيمان به) (?). المهم أنَّ من خرج عن هذه السنة لحقه اللوم والتوبيخ؛ لأنَّ ذلك انتكاس عن الفطرة ونكثٌ للعهد ينزل بصاحبه إلى أسفل سافلين.
ثم أعقب الآيات محل الشاهد قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} [الأعراف: 179].