بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137]، ولكنهم أخفقوا في حمل الرسالة؛ "إذ انكبوا على حطام الدنيا، وأهملوا الآخرة، وزعموا لأنفسهم مبررات كاذبة لاستحلال الأمم، مالًا ودماءً وأعراضًا. . . وادعوا على اللَّه -عز وجل- دعوى خطيرة بأنه يغفر لهم كل خطيئة، ونحو ذلك مما افتراه أحبار السوء من خلفاء السامري، والذي تجسد في عقائد (التلمود) وأخلاقه، وأضاليله فيما بعد، تلك التي نسوا بها مواثيق (التوراة) الغليظة بألَّا يفتروا على اللَّه عز وجل. . . " (?). وقد أشار القرآن الكريم في مواضع كثيرة لهذا التميُّز، وانتفائه عنهم، وأنهم لا زالوا يدعونه سفاهة وغرورًا (?).
وأمَّا النصارى فإنَّ اللَّه اختارهم لحمل رسالته من بعد اليهود، وبعث فيهم رسوله عيسى عليه السلام، وأيَّده بروح القدس يكلم الناس في المهد وكهلًا، وعلَّمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وأجرى على يديه من المعجزات والآيات، وكفَّ عنه بني إسرائيل، وشدَّ أزره بالحواريين الذين آمنوا باللَّه وبرسوله، ثمَّ طلبوا مائدة من السماء تكون لهم عيدًا لأولهم وآخرهم، فاستجاب اللَّه لهم، وأنعم عليهم ورزقهم، ولكن سرعان ما دَبَّ إليهم داء الأمم من قبلهم فأشركوا باللَّه، وزعموا أن عيسى عليه السلام قال: اتخذوني وأمي إلهين من دون اللَّه، وقد سجلت الآيات (110 حتى 118) من سورة المائدة قصتهم مع التميُّز وما آل إليه.
وعلى نحو ممَّا فعل اليهود فعل النصارى من ادعاء التميُّز والاستعلاء على الآخرين بحجّة القرب من اللَّه، واصطفائه بهم من دون الخلق، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ