بل إن "ديودور الصقلي" إنما يذهب إلى أنها المناطق الصحراوية التي تسكنها القبائل المتبدية، وأن سكانها من الآراميين والنبط1، وأنها تقع بين سورية ومصر، كما أنها مقسمة بين شعوب ذات مزايا وصفات متباينة، وإن كان يبدو أن الرجل لم يكن لديه خط واضح يفصل بين العربية الصحراوية والصخرية، كما عند الجغرافيين الرومان2، وأما "إيراتو سثينيس"- وربما سترابو كذلك- فقد أطال حدود العربية الصحراوية من الشمال الغربي وجعلها حتى "هيرابوليس" في نهاية خليج السويس، وإن وضع الحد الجنوبي لها عند بابل3.
ونقرأ في النصوص الآشورية من عهد "شلمنصر الثالث" "859-824ق. م" أن من بين أعدائه في موقعة "قرقر" عام 853ق. م، مجموعة عربية4، ولعلهم يكونون مشيخة أو إمارة، على رأسها "جندب"، وجدت هناك منذ الألف الثانية قبل الميلاد، وكانت مصدر قلق للحكومات المسيطرة على الهلال الخصيب، وأنها كانت تنتقل في هذه البادية بحرية، لا تعترف بحدود أو فواصل، وإنما كانت تقيم بحيث الماء والكلأ والمكان الذي يتلاءم وطباعها5.