"معجم البلدان" وابن الأثير "م630/ 1233" في "الكامل في التاريخ"، وابن خلدون "م818/ 1406" في المقدمة وفي العبر وديوان المبتدأ والخبر".
إن المتصفح لما كتبه هؤلاء العمد الأفاضل، ليعجب للدقة والتحري الصحيح الذي عالجوا به تاريخ الإسلام في معظم الحالات، بقدر ما يأسف على الإهمال والخلط الذي صحب كتاباتهم عن عصور ما قبل الإسلام1.
ولعل عذرهم في ذلك أن عصر الاكتشافات الحديثة الذي نعيشه الآن لم يكن قد بدأ بعد، وأن الاعتماد في التأريخ لبلاد العرب قبل الإسلام إنما كان على ما جاء في التوراة، وعلى الأدب العربي القديم، كما أن الأخبار كانت -كما أشرنا من قبل- تتناقل على الألسنة بدون تدوين أو ضبط، وأن الخط العربي كان في أول الأمر غير منقوط، وكذا كانت الكتابة النبطية التي يرجح أن الخط العربي مشتق منها ومتطور عنها، لا تعرف النقط والإعجام2.
وهكذا لم يكن عندهم ما يميز بين الباء والتاء والثاء، أو بين الجيم والحاء والخاء، أو بين السين والشين، فكانوا مثلا يكتبون "بلقيس" حروفا بلا نقط، فتقرأ "بلفيس أو بلقيس أو نلفيس أو بلفيش ... إلخ، وقس عليه ما تختلف به قراءتها بنقل النقط واختلاف مواضعها، فوقع بذلك التباس في قراءة الأسماء، وظهر أثره في اختلاف المؤرخين والنسابين في أسماء الأشخاص والقبائل والأماكن3.