جالليوس"- الأمر الذي أشرنا إليه من قبل- وإنه لمن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هناك كتابة أثرية على تمثال لـ"عبادة الثالث" هذا، تصفه "بالإلهي"، مما يدل على أن الأنباط كانوا يؤلهون ملوكهم بعد الموت1، وربما كان الأنباط في ذلك يقلدون السلوقيين الذين لقبوا أنفسهم بلقب "ديوس عز وجلeos" أي "الإله".

وخلف عبادة الثالث على عرش الأنباط "الحارث الرابع"، لمدة تقارب نصف القرن من الزمان "9ق. م-40ق. م" وقد حمل لقب "رحم عم" أي المحب لأمته، ولقب "ملك النبط"2، ورغم أن الرجل كاد أن يفقد عرشه حين تولاة دون إذن من "أغسطس" "27ق. م-14م"، قيصر روما، إلا أن عهده كان عهد رخاء وسلام، تابع فيه نشر الحضارة الرومانية، كما كانت علاقاته بجيرانه اليهود في بادئ الأمر طيبة، ومن ثم فقدزوج ابنته من "هيرودوس" حاكم اليهودية،، وابن هيرودوس الكبير، إلا أن هيرودوس قد تجرأ بعد حين من الدهر، فطلق ابنة الحارث الرابع، ليتزوج من راقصة كانت السبب في مقتل "يوحنا المعمدان".

ونقرأ في الإنجيل أن هيرودوس أراد أن يتزوج من "هيروديا" أمراة أخيه "فيلبس"، إلا أن يوحنا المعمدان قد أفتى بغير ذلك، ومن ثم فقد قرر هيرودوس التخلص منه، غير أنه خشي غضب القوم "لأنه كان عندهم مثل نبي"3، ومن ثم فقد اكتفى بإلقائه في غياهب السجون، وتنتهز هيروديا فرصة عيد ميلاد هيرودوس فتتفق مع ابنتها "سالومي" على أن ترقص شبه عارية لعمها الملك، وحين تنتهي من رقصتها، ويفتن الملك بها، تطلب منه أن يعطيها رأس يوحنا في طبق، وتفعل سالومي ما أرادت أمها، وهنا يضطر الملك إن تنفيذ رغبتها، بناء على وعد منه أن يعطيها ما تريد، أيا كان هذا الذي تريد4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015