ومنها "رابعًا" أن أسماء ملوكهم -كالحارث وعبادة ومالك وجميلة- أسماء عربية، وليس من شك في أن للأعلام دخل كبير في بيان أصول الأمم1، ومنها "خامسًا" أن الكتاب القدامى من الأغارقة والرومان- وكذا المؤرخ اليهودي يوسف ابن متى- إنما يطلقون على النبط كلمة "العرب"، وعلى أرضهم لفظ "العربية الحجرية" "2صلى الله عليه وسلمrabia Petraea"، ومنها "سادسًا" أن لغتهم الأصلية إنما كانت العربية، وأنهم لم يستعملوا اللغة والكتابة الآرامية إلا في النقوش3.
وهكذا يتجه كثير من العلماء إلى أن الموطن الأصلي للأنباط، إنما هو بلاد العرب -سواء أكان ذلك في الوسط أو في الجنوب- ومن ثم فإن فريقًا من الباحثين يذهب إلى أنهم قد نزحوا من البوادي إلى أعالي الحجاز، حيث استقروا هناك واشتغلوا بالزراعة والتجارة والإشراف على القوافل التجارية، بينما ذهب فريق آخر إلى أنهم من العربية الجنوبية، ومن ثم فقد كان هذا سببًا في احترافهم للحرف المألوفة في بلاد العرب الجنوبية منذ العهود القديمة4.
ويرى الدكتور جواد علي أن الأنباط عرب، بل هم أقرب إلى قريش وإلى القبائل الحجازية التي أدركت الإسلام، من العرب الجنوبيين؛ ذلك لأنهم إنما يشاركون قريشًا في كثير من الأسماء، مثل حبيب وسعيد والحارث وقصي وعمرو ومسعود، وفي كثير من عبادة الأصنام كاللات والعزى ومناة -كما أشرنا آنفًا- ولأن خط النبط قريب من خط كتبة الوحي، ولأنهم يتكلمون لهجة قريبة من العربية، بل إن كثيرًا من الكلمات العربية المدونة بالأرامية، من نوع عربية القرآن الكريم5، ثم هناك ما جاء في التوراة6 من أن "نبايوت" -وهو نابت عند