وفي العهد البابلي خضعت دومة الجندل للملك نبونيد، وكما أشرنا من قبل، فلقد جرد الملك البابلي في العام الثالث من حكمه على المدينة واحتلها1.
هذا وتشير المراجع العربية إلى دومة الجندل إنما كانت مدينة محصنة بسور، في داخله حصن منيع، يقال له "مارد"، نسبة البعض-طبقًا للروايات التقليدية- إلى سليمان عليه السلام، ونسبه آخرون إلى "أكيدر الملك بن عبد الملك السكوني"، وهو يهودي على رأي، وعربي من كندة على رأي آخر، وعلى أي حال، فإن الحصن على ما يبدو قد بني قبيل الثالث الميلادي؛ لأسباب منها صلة السكونيين بكندة، ومنها أن الحصن يشتمل في بعض أجزائه على نقوش نبطية- والأنباط كما نعرف قد انتهت دولتهم في عام 106م -ومع ذلك فالحصن ليس من عمل فرد واحد، ولا من فترة واحدة، وإنما من فترات متعاقبة، لعل آخرها منذ نصف قرن فقط2.
وهناك في المصادر العربية ما يشير إلى أن سكان دومة الجندل، إنما كانوا أصحاب نخل وزرع، يسقون على النواضح، وزرعهم الشعير، وكان في بلدهم سوق يبدأ في أول يوم من شهر ربيع الأول، وينتهي في النصف منه، هذا وقد كانت تسكن دومة قبل الإسلام قبائل كلب وجديلة وطيئ، كما كما يتنازع السلطان فيها "الأكيدر" و"قنافة الكلبي" الذي كان يتولى الأمر فيها، حين تكون الغلبة من نصيب الغساسنة، مما يدل على التنافس بين كندة وبني غسان على الطريق التجاري3، "وكانت مبايعة العرب في دومة إلقاء الحجارة، وذلك أنه ربما اجتمع على السلعة النفر، يساومون بها صاحبها، فأيهم رضي ألقى حجره، فربما اتفق في السلعة الرهط، فلا يجدون بدا من أن يشتركوا وهم كارهون، وربما اتفقوا فالقوا الحجارة جميعًا إذا كانوا عددًا على أمر بينهم، فوكسوا صاحب السلعة إذا طابقوا عليه"4.