يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ، قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} 1.
والأمر كذلك بالنسبة إلى التوراة2 التي تحدثت عن كل صغيرة وكبيرة في حياة موسى، وهكذا فإن كل النصوص المقدسة -آيات القرآن وإصحاحات التوراة- تشير إلى أن الإسرائيليين الذين صحبوا موسى في رحلة الخروج من مصر، لم يكتب لواحد منهم- بما في ذلك موسى3 وهارون4 عليهما السلام -أن يدخل الأرض المقدسة أبدًا، إذا استثنيا يشوع بن نون وكالب بن يفنه5، وقد ناقشنا ذلك كله بالتفصيل في كتابنا إسرائيل6.
ومنها "ثانيًا" أن القرآن الكريم -والتوراة من قبل- يكذبان إرسال جيش إسرائيلي إلى الحجاز، فالقوم الذين جبنوا عن أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم، ويصفون أنفسهم بأنهم "كالجراد في أعين الجبابرة من بني عناق" من سكان كنعان7، هؤلاء القوم ليسوا هم الذين يجتازون صحراوات بلاد العرب حتى يصلوا إلى يثرب، ثم يقوموا فيها بمجزرة بشرية تنتهي بإفناء بلد بأسره، إلا ولد الأرقم ملكها، ثم أليسوا هم أنفسهم الذين حاول الكليم عليه السلام أن يحرضهم على القتال، حتى يصدعوا بأمر الله ويدخلوا الأرض التي كتبها لهم، إلا أنهم كانوا مع كثرتهم "تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى"، كانا يخافون الحرب ويهابون القتال، بعد أن تمكنت منهم المذلة والصغار، ومن ثم فقد صاحوا بموسى -كما تروي توراتهم -"ليتنا متنا في أرض مصر، أو ليتنا متنا في هذا القفر، ولماذا أتى بنا الرب