لليمن، أمرًا مقبولا1.

وإذا ما عدنا مرة أخرى إلى "سيف بن ذي يزن"، لوجدناه يتخذ سياسة في منتهى العنف بالنسبة إلى البقية الباقية من الحبش، فقتل البعض، واتخذ من البعض الآخر عبيدًا يسعون بين يديه بالحراب، ويبدو أن هذه المعاملة القاسية قد أثرت في نفوسهم، حتى أنهم انتهزوا أول فرصة، فوثبوا عليه وقتلوه2.

ويعلم "كسرى" بالأمر، فيرسل، "وهريز" في أربعة آلاف من الفرس، ويأمره ألا يترك باليمن أسود، ولا ولد عربية من أسود، إلا قتله، صغيرًا كان أم كبيرًا، ولا يدع رجلا جعدًا قططًا قد شرك فيه السواد، إلا قتله"، ويفعل "وهريز" ما أمر به كسرى، فيستأصل البقية الباقية من الأحباش في اليمن3.

ويبدو أن الفرس -الذين كانوا قد توسعوا في شبه الجزيرة العربية- قد طمعوا في اليمن، لأهميتها التجارية والسياسية "أولًا"، وليمنعوا بيزنطة من الاستيلاء عليها "ثانيًا"، ويبدوا كذلك أن "سيف بن ذي يزن" كان قد أحس بتدخلهم في كل شئون بلاده، ومن ثم فقد بدأ يعد العدة للتخلص منهم، كما تخلص من الأحباش من قبل، إلا أن الفرس كانوا قد فطنوا إلى خطته، ومن ثم فقد تآمروا عليه ودبروا أمر قتله، وربما كان بعض الأحباش وسيلتهم إلى ذلك، حتى تصبح اليمن واحدة من ولايات الإمبراطورية الساسانية4.

وأيًّا ما كان الأمر، فلقد أصبح أمر اليمن بيد "وهريز" من قبل كسرى، ثم جاء من بعده ولده "المزربان" ثم حفيده "البينجان" ثم "خرخرة" بن "البينجان" وأخيرًا "باذان" الذي قدر له شرف الدخول في الإسلام5، وهنا لعل من الأهمية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015