و"قنا" في حضرموت1، وهي -في رأي رابع- القسم الجنوبي من حضرموت، وقد كانت "ميفعة" عاصمة لها في ذلك الوقت2.
ويذهب المسعودي إلى أن اليمن، إنما سمي يمنًا لأنه على يمين الكعبة، أو ليمنهن أو لأن الناس حين تفرقت لغاتهم ببابل تيامن بعضهم يمين الشمس وهو اليمن3، أو لأن الناس لما تكاثروا بمكة وتفرقوا عنها التأمت بنو يمن إلى اليمن، وهو أيمن الأرض، أو لأنها سميت يمنًا نسبة إلى يمن بن قحطان4.
وعلى أي حال، فإن عصر الدولة الحميرية هذا، إنما تميز كذلك بأن لقب الملوك سرعان ما تغير مرة أخرى، فأصبح الواحد منهم يلقب بلقب "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات، وأعرابها في المرتفعات وفي التهائم"، كما تميز كذلك بدخول اليهودية والمسيحية إلى بلاد اليمن، ومحاولة زحزحة الديانة الوثنية- والتي كانت تدور حول عبادة النجوم والكواكب والشمس- وقد بدأت المسيحية على المذهب المنوفيزي، القائل بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح، تأخذ طريقها من الشام إلى اليمن، وكانت بيزنطة تهدف من وراء ذلك أغراضًا سياسية أكثر منها دينية، فقد شجع الحميريون اليهودية، رغبة منهم في مقاومة المسيحية، دين عدوهم السياسي والاقتصادي5.
ولعل من الأفضل هنا أن نتوقف قليلا -قبل الاستطراد في الحديث عن العصر الحميري- لنشير في اختصار إلى الحميريين أنفسهم:
كانت قبيلة حمير قبيلة قوية لها نفوذ كبير في العربية الجنوبية في أخريات أيام سبأ، وقبل ظهور المسيحية، ولهذا ظل اسمها يتردد دائمًا في كتابات المؤرخين الرومان وفي كتابات العرب، وأصبح اسمها صفة لكل ما يعثر عليه في جنوب شبه