أرسل بعض قواته إلى منطقة "هينان الحالية"، التي كان ملك حضرموت يريدها خالية من الجند -رغم أنها منطقة سبئية، وليست حضرمية- وربما كان يهدف من ذلك أن يجعلها غير قادرة على الدفاع، حتى يستطيع التدخل في شئونها، وتنفيذ مشروعاته التي كان يرمي من ورائها إلى الاستيلاء على القسم الجنوبي الشرقي من سبأ، مستغلا ضعف ملوك سبأ وقت ذاك لمصلحته1.
وهكذا منع ملك حضرموت قوات ملك مأرب من أن تعسكر في المدينة السبئية "حنان" بل واتجه إلى أرض "معين" ليهدد سبأ، وسرعان ما هاجم "يثل" "المدينة المعينية القديمة" واستولى عليها، ثم ضرب الحصار على مدينتي "نشق" و"نشان"، ولم يفك الحصار عنهما إلا بعد وصول القوات السبئية، وهنا رأى ملك سبأ وذي ريدان "كرب إيل بين" أن يهاجم خصمه بنفسه، ومن ثم فقد اتجه إلى "يثل"، كما أمر قواته المعسكرة عند نشق ونشان بالهجوم عليهما، وهكذا وجد ملك حضرموت "يدع إيل" نفسه، محاصرًا من ناحيتين بقوات سبأ، مما اضطره إلى الانسحاب من "يثل"، والاتجاه إلى "حنان"، ولكنه حاول نهب مقتنيات المعبد "محرم بلقيس فيما يرى "ألبرت جام" إلا أن القوات السبئية الزاحفة من نسق تمكنت من إنقاذ المعبد من النهب2.
وفي تلك الأثناء وصلت قوات إضافية من مأرب، فواصل الملك السبئي زحفه إلى "حنان"، حيث دارت هناك معارك رهيبة بين الفريقين، كتب النصر فيها للسبئيين، ودفع ملك حضرموت ثمن هزيمته ألفين من جنوده لقوا مصرعهم في ميدان القتال، فضلا عما استولى عليه السبئيون من خيل وجمال وحمير، وكل حيوان جارح عند الحضارمة3 -كما أشرنا آنفًا.
وتمر فترة لا يستطيع المؤرخون فيها ترتيب الملوك أو معرفة فترات حكمهم، فإذا ما رجعنا إلى "ريكمانز" على سبيل المثال، لوجدنا أنه قد ترك فراغًا بعد "هلك أمر" و"ذمار علي ذريح"، إشارة إلى فترة لا يدري من حكم فيها على وجه اليقين، ثم يذكر بعد ذلك "وتريهأمن"، ثم فراغًا، دون بعده اسم "شمدر يهنعم"،