ابنه "نشأكرب" الذي نجح السبئيون على أيامه في الاستيلاء على ما كان عند الحضارمة من خيل وجمال وحمير، ومن كل حيوان جارح، فإن الدولة السبئية انتهت فعلا على أيام "نشأكرب" هذا، بأيدي الحميريين1.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه في عهد "الشرح يحصب" لمع اسم "صنعاء" "صنعو"، فقد تردد اسمها في النصوص التي ترجع إلى ذلك العهد مثل نص "جام 575"، وفي أيام الحروب التي دارت رحاها بين "الشرح يحصب" و"شمر ذي ريدان"، كما يشير إلى ذلك نقش "جام 577" و"ريكمانز 535"، هذا وتشير الكتابة "Cih 429" إلى قصر غمدان "غندان" -بجانب قصر سلحين- كمقر للملوك، ولعل في هذا إشارة إلى أن الشرح يحصب إنما كان يقيم في كلا القصرين "أي في مأرب وصنعاء"، كما يشير كذلك إلى الهمداني وابن الكلبي، ربما كانا على صواب فيما ذهبا إليه من أن الشرح يحصب هو الذي بنى قصر غمدان، وأن "شعر أوتر" هو الذي بنى سور صنعاء، وإن كانت هناك رواية تذهب إلى أنه من أبناء سليمان، وعلى أي حال، فكل هذا يدل على أن قصر غمدان من القصور الملكية السبئية القديمة، وأن صنعاء بدأت تظهر بين مدن اليمن من تلك الفترة، وأن مكانتها قد زادت على مر الأيام، حتى صارت عاصمة اليمن ومقر الحكام حتى الآن2.
وبدهي أن ذلك لا يتفق وروايات الإخباريين من أنها كانت تدعى "أزال"، وأن "وهرز" القائد الفارسي هو الذي أطلق عليها اسم "صنعاء"، حين قال إبان دخوله إياها "صنعة صنعة"، يريد أن الحبشة قد أحكمت صنعها، أو أن التسمية إنما كانت نسبة إلى بانيها "صنعاء بن أزال بن عبير بني عابر بن شالخ" على رواية، و"غُمدان بن سام بن نوح" على رواية أخرى، فكانت تعرف تارة بأزال، وتارة بصنعاء، بل إن بعض الإخباريين لم يقف عند هذا الحد، فزعم أنها واحدة من مدن النار الأربع "أنطاكية والطوانة وقسطنطينية وصنعاء" في مقابل مدن الجنة الأربع