أما الهدايا فقد كانت من الأحجار الكريمة والعطور، وأما "كرب إيلو" فهو المكرب "كرب إيل بين"، وإن كان الآشوريون قد أطلقوا عليه لقب "ملك"، فليس لذلك من تعليل سوى أنهم كانوا يجهلون ألقاب حكام سبأ في تلك الفترة1.

وجاء بعد "كرب إيل بين" ولده "ذمار علي وتار"، ونقرأ في نقش "هاليفي 349" أنه أمر بتوسيع مدينة "نشق" فيما وراء الحدود التي اختطها أبوه، كما أمر بتحسين وسائل الري وباستصلاح الأراضي المحيطة بها واستغلالها في الزراعة، وإن جعل ذلك مقصورًا على السبئيين، على أن الاهتمام بمدينة "نشق" "المعينية الأصل" إنما يدل على مدى اهتمام حكام سبأ باستصلاح الأراضي البور فيها، ثم توزيعها على السبئيين من أتباعهم، وبالتالي تحويلها إلى مدينة سبئية بمرور الوقت2.

وهناك على مقربة من "مأرب" توجد فتحة لتنظيم تصريف المياه التي كانت تسير في القناة اليمنى "إحدى القناتين اللتين كانتا تخرجان من سد مأرب" وما زالت بقايا جداريها المشيدين بالحجر، باقية حتى الآن في الجهة الجنوبية من المدينة، وهي أمام الباب الرئيسي من السور الذي كان يواجه معبد "أوام" أو محرم بقليس، وعلى الجدار الشمالي من ذلك الأثر النقش رقم "1-44" وقد جاء فيه أن مكرب سبأ "ذمار علي وتار" بن "كرب إيل" "الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد" هو الذي بنى هذه الفتحة، أمام هيكل الإله "عتثر"3.

وجاء بعد "ذمار علي وتار" ولده "سه علي ينوف" الذي ينسب إليه أنه صاحب فكرة ومنفذ أكبر مشروع للري عرفته بلاد العرب، وذلك بالرغم من أن سكان "مأرب" كانوا ذوي خبرة بشئون الري، إلا أن سدودهم كانت بدائية، حتى جاء "سمه علي ينوف"، وأحدث تطورًا في وسائل الري، وذلك حين شيد "سد رحب" للسيطرة على مياه الأمطار والإفادة من السيول، وهكذا بدأ المشروع العظيم، والذي عرف في التاريخ باسم "سد مأرب" والذي نما على مر الأيام حتى اكتمل في نهاية القرن الثالث الميلادي على أيام "شمر يهرعش"، فنظم وسائل الري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015