قبل التاريخ يتنقلون باتجاه الأودية من مكان إلى آخر، وقد ترك الصيادون -ثم الرعاة من بعدهم- بعض الآثار في الأماكن التي حلوا بها حينًا من الدهر، وما برح السياح، وخبراء شركة "أرامكو" وغيرهم، يعثرون على بعض منها، بين الحين والحين1.
وأما في شمال شبه الجزيرة العربية، فقد عثر في "كلوة"، عند سفح جبل الطبيق، على آثار رأى بعض الباحثين أنها ترجع إلى الألف الستين قبل الميلاد، وأن تاريخ السكنى بها، إنما يرجع إلى الألف الثامنة قبل الميلاد2.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الباحثين لم يوفقوا بعد في العثور على هياكل كاملة للإنسان من عصور ما قبل التاريخ في شبه الجزيرة العربية، أو حتى سيناء، وإن كان بعض رجال شركة "أرامكو" قد عثروا على بقايا عظام وأسنان لبعض الحيوانات "الحلمية" "Mastodom"، وعلى جزء من جمجمة إنسان قديم، في موضع يبعد تسعين ميلا إلى الغرب من "الدمام"، إلا أن ذلك لا يمكن الباحثين من إعطاء رأي علمي فيما يتصل بالحياة في عصور ما قبل التاريخ، حتى وإن أمكن العثور على مثل هذه البقايا في أماكن أخرى من شبه الجزيرة العربية3.
على أن البحرين قدمت للباحثين هيكلين كاملين، رأينا الميت فيهما يرقد على جنبه الأيمن، ويتجه بوجهه نحو المشرق، الأمر الذي كان يتبعه سكان العراق القديم في الألف الثالثة قبل الميلاد4. كما وجدت في المقبرة بقايا عظام حيوانات، فضلا عن أدوات بيت الميت وحليه، ولعلهم في هذا يشبهون المصريين القدامى الذين كانوا يعتقدون في الحياة الآخرة، وأنها على غرار الحياة الدنيا، ومن ثم فقد كانوا يضعون في مقبرة الميت ما قد يحتاجه من متاع في هذه الحياة الأخرى.
وأما أبواب مقابر البحرين هذه، ففي الناحية الأخرى من اتجاه الميت -أي في