في كتبهم من المبالغة في ضخامة الأجسام وطول الأعمار، وكانت التوراة -والتلمود من بعدها- تشتمل على كثير مما جاء في القرآن الكريم من وقائع وأحداث تتصل بالمصطفين الأخيار، من أنبياء الله الكرام، ولكن بإسهاب وتفصيل، قد يغري في كثير من الأحوال عواطف العامة، أكثر مما يرضي عقول العلماء1.
وهكذا بدأت الأساطير اليهودية تنتشر بين الناس، ويصدقها ضعاف المؤرخين، فالقرآن الكريم -على سبيل المثال- لما ذكر عادًا، فإنه قال {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} 2، فأدخل المفسرون والمؤرخون في شرح هاتين الآيتين الكريمتين مبالغات، رواها كعب الأحبار ووهب بن منية، وغيرهما.
ومن ثم فقد وصل إلينا من أخبارها أن رجالها كانوا طوالا كالنخل، لم يكن للطبيعة تأثير على أبدانهم لغلظتها ومتانتها، وأن عادًا إنما تزوج من ألف امرأة، كما رأى كذلك البطن العاشر من أعقابه، وكان الملك من بعده في الأكبر من ولده -وهو شديد- الذي حكم 850 سنة، ثم جاء من بعده أخوه "شداد"، حيث حكم 950 سنة، سيطر فيها على كل ممالك العالم3، وبنى مدينة {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} .