على أهل المدينة من أوس وخزرج، بسبب نصرتهم لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكأنها قد أصبحت نسبًا، مما ضايق بعض رجالات قريش، وبدأ شعراء المدينة يفخرون بأصلهم اليمني، وبأنهم من أقرباء الغساسنة وذوي رحمهم، كما استعملوا لفظة الأنصار في مقابل قريش ومعد ونزار1.
ومن عجب أن بعض النزارية في هذا الجو المحموم بالعصبية افتخروا بالفرس على اليمنية، وعدوهم من ولد إسحاق بن إبراهيم، ومن ثم فقد أصبح إبراهيم جد الفرس والعرب، ولم تكتف النزارية بذلك، بل زعمت أن هذا النسب قديم، معتمدين في ذلك على شعر نسبوه إلى شاعر جاهلي، وجاراهم الفرس في هذا الزعم، تقربًا إلى الحكومة وهي عدنانية، فضلا عن أسباب سياسية أخرى، لا شك أن منها إثارة العصبية البغيضة بين العرب أنفسهم، ويبدو أن العدنانيين لم يكتفوا بربط نسبهم بالفرس والإسرائيليين، وإنما ربطوه كذلك بالأكراد، حين نسبوهم إلى "ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل.."، فكان رد القحطانيين أن جعلوا اليونان من ذوي قرباهم، بل إن الترك كذلك أصبحوا من حمير2.
وعلى أن "ألويس موسل" إنما يرى أن أسطورة الأنساب هذه، إنما بدأت فيما قبيل الإسلام، ولما كان لليمن في الجاهلية مقام عظيم، فقد انتسب الكثيرون إلى اليمن، ثم جاء علماء الأنساب -متأثرين بالعوامل الآنفة الذكر- فسجلوها على أنها حقيقة واقعة3.