ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا1
ومن ثم فإن الكلمة إنما تعني الخفة والأنفة والحمية والمفاخرة، وهي أمور أوضح ما كانت في حياة العرب، قبل أن تتهذب نفوسهم بما دعا إليه الإسلام من مبادئ خلقية سامية، ومثل عليا وفضائل، ومن ثم فقد سمي العصر "بالجاهلية"، ويقابل هذه المعاني هدوء النفس والتواضع، والاعتداد بالعمل الصالح، لا بالنسب، وهي كلها نزعة سلام2.
ومن هنا رأينا الإمام الطبري يفسر قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} 3 بأن عباد الله هم الذين يمشون على الأرض بالحلم، لا يجهلون على من جهل عليهم4، ومن ثم فقد جاء في "حديث الإفك"5، "ولكن اجتهلته الحمية"، أي حملته الأنفة والغضب على الجهل، وفي الحديث الشريف أن رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال لأبي ذر -وقد عير رجلا بأمه: "إنك امرؤ فيك جاهلية" أي فيك روح الجاهلية6.