على مبدأ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة} 1، وعلى مبدأ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم} 2، وإنه: "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" 3، ومن هنا، فرغم أنه هو الذي جعل لكلمة "عرب" هذا المقام في شعور الجماعة، فإنه إنما نهى عن أن يكون هذا الشعور عاملا مفرقًا بين صفوف الأمة التي وحدها الإسلام، ثم إن الإسلام -بخلاف الديانات السماوية الأخرى- إنما هو شريعة الله الخالدة إلى البشرية كافة4، وهكذا حارب الإسلام العصبية الجاهلية، وآخى الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بين المهاجرين والأنصار، وحالف بين قريش ويثرب، ونهى عن أحلاف الجاهلية، وروي عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: "لا حلف في الإسلام" 5.
وهكذا يبدو بوضوح -لا لبس فيه ولا غموض- أن العربية، في نظر الإسلام، كانت مفهومًا دينيًّا وثقافيًّا، أكثر منه جنسيًّا، وقد روى أن "قيس بن مطاطية" -وكان من المنافقين- جاء إلى حلقة كان فيها" سلمان الفارسي" و"بلال الحبشي" و"صهيب الرومي"، فقال: لقد قام الأوس والخزرج بنصرة هذا الرجل -يعني سيدنا محمدًا رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فما بال هذا؟ يقصد ما الذي يدعو الفارسي أو الحبشي أو الرومي بنصره، فقام إليه، "معاذ بن جبل" وأخذ بتلابيبه ثم أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- وأخبره بمقالته، فقام عليه الصلاة والسلام مغضبًا يجرُّ رداءه حتى أتى المسجد، ثم نودي: الصلاة جامعة، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا أيها الناس، إن الربَّ واحدٌ، والأب واحد، وإن