هضبة الحبشة، وعندما تجتازها تمر فوق مناطق منخفضة ثم فوق البحر الأحمر فتحمل معها بعض الرطوبة فعندما تصطدم بجبال عسير تسبب هطول المطر، بينما لا تسبب تهطالا فوق تهامة لحرارة المنطقة فتقل معها الرطوبة النسبية، ولكنها تسبب العواصف الرملية ولذا تعرف هناك باسم "الغبرة" وغالبًا ما تكون في نهاية الصيف. وبعد الزوال حتى غروب الشمس، أما الرياح الجنوبية الغربية فتأتي من المحيط الهندي وتكون في أوائل الصيف وتثير البحر الأحمر وتهيجه فترتفع الأمواج فيه، ولا تسقط إلا أمطارًا قليلة لأنها تقل في ظل القرن الأفريقي، كما أن جبال اليمن تكون قد أفقدتها أكثر حمولتها، ولا ينال تهامة منها شيئًا1.
وتتميز حضرموت بالأودية العميقة وبالرياح الموسمية الجنوبية الغربية المشبعة ببخار الماء، ويصل إلى عمان قدر لا بأس به من المطر ينفع الناس ويعينهم على تصريف أمورهم.
ومن الغريب أن المطر ينهمر أحيانًا، وكأنه أفواه قرب قد تفتحت، فيكون سيولا عارمة جارفة، تكتسح كل ما تجده أمامها، وتسيل الأودية، فتتحول إلى أنهار سريعة الجريان، وقد لاقت مكة من السيول مصاعب كثيرة، هذا وقد خصص "البلاذري" في "فتوح البلدان فصلا كاملا لأخبار سيول مكة، والأمر كذلك بالنسبة إلى المدينة، وإلى غيرها من المدن، وقد يهلك في هذه السيول خلق من الناس كثير، كما حدث لشعب سبأ بسبب سيل العرم2، وكما حدث قريبًا في عام 1336هـ عندما حدثت فيضانات كثيرة في وادي "تثليث" فتجاوزت السد الرملي ووصلت إلى وادي الدواسر، وأغرقت عدة قرى3.