لا تستطيع شبه الجزيرة العربية أن تفاخر بوجود نهر واحد دائم الجريان يصب ماؤه في البحر، وليس في نهيراتها الصغيرة ما يصلح للملاحة1، ومن ثم فهي تعد من جملة الأرضين التي تقل فيها الأنهار والبحيرات، وفي جملة البلاد التي يغلب عليها الجفاف، ويقل فيها سقوط الأمطار، ومن ثم فقد أصبحت أكثر بقاعها صحراوية قليلة السكان2.
وقد عوضت عن الأنهار بشبكة من الأودية التي تجري فيها السيول غبّ المطر، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن كثيرًا من أودية شبه الجزيرة العربية كانت أنهارًا في يوم ما3، ويعتمدون في ذلك على أدلة منها "أولًا" وجود ترسبات في هذه الأودية من النوع الذي يتكون عادة في قيعان الأنهار، ومنها "ثانيًا" ما عثر عليه من عاديات وآثار سكن على حافة الأودية، ومنها "ثالثًا" ما جاء في كتابات القدامى من مؤرخي الأغارقة والرومان وجغرافيهم عن وجود أنهار في شبه الجزيرة العربية، فمثلا "هيرودوت" يحدثنا عن نهر أسماه "كورس"، زعم أنه يصب في البحر