العراق والشام1، وحدها "ذات عرق" في الحجاز، وما ارتفع عن بطن الرمة فهو نجد إلى أطراف العراق وبادية السماوة2 -وهي ما بين جرش وسواد العراق- وليست في الكتب العربية حدود واضحة دقيقة لنجد، فهم يقولون "إذا خرجت من المدينة فأنت منجد إلى أن تتصوب في مدارج العرج -وهو واد بين مكة والمدينة3- فإذا تصوبت فيها فقد أتهمت إلى مكة"4، ويقولون "إذا خلفت عمان مصعدًا فقد أنجدت، فلا تزال منجدًا حتى تنزل في ثنايا ذات عرق فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر5، وعلى أي حال، فإن "نجدًا" بصفة عامة إنما هي الهضبة التي تكون قلب شبه الجزيرة العربية6، وهي ليست قاحلة- كما يتصورها معظم الناس- وإنما نثرت فيها أراض صالحة للزراعة، بل هي دون شك أصح بلاد العرب، وأجودها هواء، ومن ثم فقد ترنم الشعراء برباها ورياضها.
وتتألف نجد من الوجهة الطبيعية من مناطق ثلاثة: منطقة وادي الرمة، فالمنطقة الوسطى، ثم المنطقة الجنوبية، أما علماء العرب فقد قسموا نجدًا إلى عالية وسافلة، أما نجد العالية: فما ولي الحجاز وتهامة، وأما السافلة فما ولي العراق7، وكانت نجد حتى القرن السادس الميلادي ذات أشجار وغابات ولا سيما في "الشربة" جنوب وادي الرمة وفي "وجرة"8.