وإذا قلت (قسمت الكتاب قسمين) أو (شطرين) . كان انتصاب (قسمين) على المصدر. ولك أن تنصبه حالاً مقدراً فيه (قسمت الكتاب متفرقاً) . فإذا صح هذا وأمكن مثل هذا التقدير، قلت: قسمت الكتاب إلى قسمين) على معنى (قسمته متفرقاً إلى قسمين) . فانظر إلى قول المرزوقي في شرح الحماسة (826) حول قول الشاعر (قسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا) : (وانتصب شطرين على المصدر كأنه قال قسمنا الدهر قسمين. ويجوز أن يكون حالاً على معنى قسمناه مختلفاً فوقع الاسم موقع الصفة لما تضمن معناه، كما تقول طرحت متاعي بعضه فوق بعض كأنك قلت متفرقاً، والمراد جعلنا أوقات الدهر بيننا وبين أعدائنا مقسومة قسمين) .

وتأمل قول المرزوقي في شرح الحماسة (1191) حول بيت يزيد بن الحكم:

والناسُ مبتَنيانِ محمود البنايةِ أو ذميمُ

: (ومعنى البيت أن أفعال عقلاء الناس لا تخلو من أن تكون مما يُستحق به حمدٌ أو ذمٌ، فهم يبنون مبانيهم ويؤسسون مكاسبهم على أحد هذين الركنين، وذلك لأن الأفعال تابعة للأغراض، وغرض العاقل إليهما ينقسم) . فتأويل قوله هذا أن غرض العاقل ينتهي في قسمته أو يصير إليهما، أي إلى هذين الركنين. وأردف المرزقي: (فانظر ماذا تجلب على نفسك ما تبتغيه من فعلك وتدخره من كسبك) . وقال على هذا الغرار (1316) : (وإذا تأملت حوادث الدهر وجدتها لا تنقسم إلا إلى قسمته، لأنها لا تخلو أن تكون محبوبة أو مكروهة، أو واقعة أو منتظرة، أو مخوفة أو مرجوة) . وهذا قول ابن جني في سر الصناعة (1 / 69) : (وللحروف انقسام آخر إلى الشدّة والرخاوة وما بينهما) ، وقوله (1 / 71) : (وللحروف قسمة أخرى إلى الأصل والزيادة) . وقوله في الخصائص (3 / 67) : (وذلك كأن تقسم نحو مروان إلى ما يحتمل حاله من التمثيل له فتقول: لا يخلو من أن يكون فَعلان أو مفعالا أو فعوالا) . ونحو ذلك قول صاحب سر الفصاحة (24) : (وللحروف انقسام إلى الصحة والاعتلال والزيادة والسكون والحركة وغير ذلك) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015