لا خفاء بأن الأصل في الكشف هو إزاحة الغطاء أو الستار ورفعه عن المستور. تقول (كشف الخمار عن الوجه) و (كشف الغطاء عما وراءه) . قال صاحب العين (الكشف رفعك عن الشيء ما يواريه ويغطيه) . فتعدية الفعل إلى (الغطاء) أو (الحجاب) إنما يكون نفسه، وإلى (المستور أو المحجوب) بـ (عن) .

وقد يطبق الغطاء على الإنسان فيغمره ويثقل عليه ويشتد، كالهم إذا غشي الإنسان فاحتواه، بل عظم عليه وشق، فتقول فيه: (جلوت الهمَّ عنه وسرّيته، بل كشفت عنه السوء أو الضر أو العذاب، وعلى هذا الحدآي التنزيل: ?لئن كشفت عنا الرجز ـ الأعراف / 133? و?فلما كشفنا عنه ضرّه ـ يونس / 12? و?كشفنا عنهم العذاب يونس / 38?.

وقد يُلمٌ بالإنسان ما يحجب عنه النظر كشاغل من غمرة فيذهب ببصره كل مذهب، وقد فُسِّر به قوله تعالى: ?لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرُك اليوم حديد ـ ق / 22?. قال الإمام البيضاوي: (الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والانهماك.. وقيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى كنت في غفلة من أمور الديانة، فكشفنا عنك غطاء الغفلة بالوحي القرآن، وبصرك اليوم حديد ترى ما لا يرون وتعلم ما لا يعلمون) .

ومما قيل على حد (كشف الغطاء) قول أبي علي المرزوقي في شرح الحماسة (1060) : (ثم كشفت الغمة وأثبتَّ الحجة بكلام فصيح لا يلتبس) أي رفعت الغمة عنه وأزحتها) وقوله (1091) : (فتركت بعدها دواهي وخطوباً عظيمة هي في أغطيتها لم تظهر ولم يكشف عنها) ، أي لم يكشف عنها غطاؤها، وقوله (1093) : (فتذكر معايبهم وتكشف عن مستور مخازيهم ومجهول مقابحهم ومساويهم) أي تكشف عنها ما كان يحجبها، وقوله (760) : (تندمٌ على ما قصَّر فيه من النظر والفحص والكشف عن عقبى الأمر) . وقول الخفاجي صاحب سرّ الفصاحة (31) : (وذلك أليق بالمتكلمين الذين هم أصحاب التحقيق، والكشف عن أسرار المعلومات وغوامض الأشياء) أي كشف الغطاء عما طُوي عن فهم الناس.

الأصل في معنى (كشفه) :

طور بواسطة نورين ميديا © 2015