الشخصية يؤديان إلى إطلاق النزعات المكبوتة -على حد قول فرويد. ومن الواضح أن نظرية أرسطو في التطهير النفسي عن طريق الدراما تقترب كثيرا من نظرية فرويد عن التنفيس، وتخفيف التوتر، وإطلاق الرغبات المكبوتة، عن طريق تقمص الشخصيات الوهمية، والتسرية عن النفس.
ويذهب النقاد إلى أن وظيفة الترفيه قد تفسد الصحافة؛ لأنها تصرف الجماهير عن الأحداث الجادة، وتخلق جوا هروبيا يصيب النفس بالمرض. وقد تلجأ الحكومات الدكتاتورية إلى مثل هذه الصحافة الترفيهية لصرف أنظار الجماهير عن الأحداث الواقعية والمشكلات الحقيقية، وقتل روح النقد عن الناس. ويذهب هؤلاء إلى أن قصص ألف ليلة وليلة، مثلا، قد صدرت لمثل هذا الغرض. ويؤكد هؤلاء النقاد أن مهمة الترفيه قد تترك للسينما والتليفزيون، بل حتى للإذاعة نفسها، أما الصحابة فينبغي أن تركز جهودها في مهام أخرى كالأخبار والتعليق والتوجيه والنقد.
والحقيقة أن الصحيفة كوسيلة إعلام ينبغي أن تتصف بالتوازن أو الاتزان، فلا تسرف في الجد إلى حد العبوس، ولا تتطرف في الترفيه إلى حد العبث. وإنما ينبغي أن تسد الحاجات الإنسانية بما فيها من جوانب جادة وأخرى ضاحكة. وقديما قال الأديب الفرنسي رابيليه: إن الضحك من أهم السمات المميزة للإنسان، كما أن المرح صفة هامة من صفاته، لتجديد نشاطه، واستمرار حيويته. غير أن الترفيه لا ينبغي أن ينحط إلى مستوى التهريج المسف وإلا كانت آثاره خطيرة على نفسية الشعب وقواه العقلية. ونحن نذهب إلى أن الترفيه المنحط يمكن أن يؤدي إلى تمزيق وحدة الشعب، والقضاء على تماسكه، وتدمير روحه المعنوية. وليس أدل على ذلك من أن الجيوش تتعرض إلى هجوم صحفي يتمثل في مجلات حقيرة مليئة بالصور العارية، والنكب الجنسية، والأخبار التافهة السخيفة، وذلك إمعانا في إفساد النفوس، وتسميم العقول، وتمزيق الصفوف، ويحرص الاستعمار دائما على إشاعة الفوضى والانحلال والفساد بترويج الصحف الصفراء، ذات المضمون المريض، لتخدير الشعب، وصرفه عن الواقع الأليم الذي يتردى فيه. وهكذا يتضح لنا أن وظيفة الترفيه سلاح ذو حدين، وقوة لا بد أن يحسن استخدامها.