غير أن هذا ليس كل شيء فاللغات معرضة للتغير وهذا يشمل التغيرات في العالم المحيط بالناطقين بتلك اللغة. وبصورة أدق، يبقى العالم من الناحية الفيزيائية الطبيعية على ما كان عليه، غير أنه لا يبدو كذلك بالنسبة للوعي الإنساني والاجتماعي1.
وباختصار، يمكن القول أن اللغات تختلف في طرق تناولها للعالم، ويكتسب الشخص لغة الأم منذ مطلع حياته. ولذلك فإنه يدرك العالم منذ طفولته الأولى، ومن خلال زاوية لغة الأم. فنحن أسرى الكلمات، ونحن ندرك قوانين لغة الأم في طفولتنا بشكل آلي وغير واع. وبجانب اكتسابنا للغة الأم بطريقة غير واعية، نكتسب طريقة تفكير خاصة كامنة في تلك اللغة.
وتختلف اللغات في تقسيمها للعالم إلى عناصر بواسطة الكلمات. هنالك، مثلا، كلمة واحدة في لغة الأزتيك تطلق على "الثلج" و"البرد" و"الحديد"، بينما لها كلمات خاصة في اللغتين الروسية والإنجليزية. وللإسكيمو عشرات التسميات للثلج؛ إذ يوصف بكل الأشكال التي تخطر بالبال، الثلج على الأرض، الثلج محمولا على الريح، الثلج الذائب، الثلج المتجمد ... إلخ ولكل حالة كلمة خاصة. كما أنه عند العرب عشرات الكلمات التي يوصف بها الجمل أو السيف، في حين لا توجد سوى كلمة واحدة في الحضارات أو اللغات الأخرى.