ويعتبر العنوان المنتشر على عرض الصفحة أو "المانشيت" من معالم الصحافة الحديثة لجذب الأنظار وللتأكيد والإبراز. وقد ظهر هذا النوع منل العناوين لأول مرة في تلك الصحافة الأمريكية المثيرة المسماة "بالصحافة الصفراء" والتي انتشرت في أمريكا بين سنة 1892 وسنة 1914، وهي الفترة التي شهدت الحرب الإسبانية، وارتفاع توزيع الصحف ارتفاعا هائلا، وتحقيق الأرباح، واستثمار رءوس الأموال الكبيرة. وقد لعبت هذه الصحافة الصفراء بعناوينها الضخمة الحمراء المثيرة، والإسراف في استخدام الصور الزائفة، والمبالغة في العناوين الخادعة على رأس موضوعات مثيرة مضللة، فضلا عن تملق الجماهير تملقا رخيصا. ولا شك أن هذه الصحافة قد أثرت أبلغ تأثير على فن الإخراج الصحفي، كما اهتمت بأخبار الرياضة، وأبرزت فن العمود الصحفي، وأصدرت الملاحق الملونة، والصور القصصية "الكارتون"، وترتبط الصحافة الصفراء بأسماء "راندورلف هيرست"1 و"سكريبس"2 و"ماكري"3 وغيرهم4.
وقد كانت أحداث الحربين العالميتين فيما بعد عاملا هاما في انتشار العناوين الضخمة بطريقة مثيرة في معظم بقاع العالم، غير أن تكرار العنوان المنتشر بصورة مستمرة، بسبب وبلا سبب، قد أفقده قيمته الحقيقية في الإثارة وجذب الأنظار. ومن المؤكد أن الفن الصحفي قد فقد كثيرا من مرونته نتيجة لثبات العنوان المنتشر، ولذلك فإن الاتجاه الحديث يرمي إلى الإقلال منه، وعدم استخدامه إلا عند الضرورة الحقيقة التي تستلزمه. وليست العبرة في منع هذا العنوان لذاته، وإنما العبرة في مطابقة العنوان المنتشر لمقتضى ظروف الأخبار والمعلومات. فقد كانت صحافتنا المصرية مثلا أثناء العدوان الثلاثي الغادر على مصر سنة 1956 تنشر عناوين جريئة كبيرة متعددة على عرض الصفحة، بل لقد تعددت العناوين حتى ملأت الصفحة الأولى تقريبا، وكان ذلك مقبولا نظرا للظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد، أما أن تنشر هذه العناوين بلا سبب وفي الظروف العادية فليس له ما يبرره.