وكلمة مقال1 ذاتها تعني محاولة2 أو خبرة3 أو تطبيقا مبدئيا4 أو تجربة أولية5. وقد رأينا أن روح عصر النهضة هي روح التجربة، والعناية بالخبرة الإنسانية، والاهتمام برأي الفرد، والإيمان بقدرته، فهناك تطابق تام بين طبيعة فن المقال، وروح عصر النهضة. فالمقال محاولة لاختيار فكرة من الأفكار، أو لتدبر رأي من الآراء، أو لتأمل اتجاه من الاتجاهات النفسية، والتعبير عنها بأسلوب سلس جذاب.
فليس المقال بحثا علميا، أو فصلا من فصول كتاب أدبي أو علمي ولا قصة ولا محاضرة من المحاضرات المنظمة ولا دراسة مرتبة ترتيبا منطقيا، وإنما المقال فكرة يتلقفها الكاتب من البيئة المحيطة به، ويتأثر بها -وفي هذا الجو الوجداني للتلقف يعبر الكاتب عن هذه الفكرة بطريقة ما، حظها من النظام قليل، وحاجته إلى الترتيب والتمحيص والتدقيق أقل، ذلك أن الكاتب لا يقصد إلى التعبير