...
الباب السادس: فن المقال الصحفي
"سارية الربيع والعمود" عنوان كتاب إنجليزي شهير كتبه موريس هويليت1 عن فن المقال، وفيه يعقد المؤلف مقارنة شيقة بين فن المقال الأدبي وفن المقال الصحفي. فقد شبه الأول بسارية الربيع، وهي ذلك العمود الكبير الذي يتخذه الإنجليز رمزا لعيد الربيع، يزينونه بالزهور البديعة من كل صبغ. والورود الجميلة من كل لون، فتبدو السارية وكأنها العروس في جلوتها. ثم شبه المقال الصحفي بالعمود العاري من جميع هذه الزينة. وقد استعار الكاتب كلمة "العمود" هنا للتورية، فلهذا اللفظ معنيان: أولهما العمود بالمعنى المادي المعروف، والآخر "العمود" بمعنى النهر الذي يكتب في صحيفة من الصحف. وينعى الكاتب على الصحافة نبذها لتلك الزخارف الأدبية الجميلة، ويتهم أسلوبها بالجدب والإمحال، ويحن حنينا شديدا إلى تلك الأيام الخوالي التي كان الإنسان ينعم فيها بالفراغ وقراءة المقالات الأدبية الطويلة الزاهية، لا تلك الأعمدة الجافة السريعة في أنهر الصحف.
ونجد في كتاب "الأدب البريطاني المعاصر"2 نفس هذا المعنى؛ إذ يقول المؤلفون: "لقد أصبحت المشكلات التي يواجهها الأدباء خطيرة معقدة، بحيث