ويرى بعض الصحفيين أن التحقيق الصحفي ينبغي أن يختم بنهاية سارة مثل المسرحيات والأفلام؛ لأن الخاتمة السعيدة تشيع البهجة والسعادة بين القراء، وخاصة بالنسبة للتحقيقات القصصية، والموضوعات الإنسانية. ولا شك أن مثل هذه النهاية لها تأثيرها الطيب في نفوس الجماهير، غير أن إقحام خاتمة سعيدة على كل موضوع بلا استثناء يحيل فن التحقيق الصحفي إلى ضرب من التسلية الرخيصة، ولذلك فإن الخاتمة السعيدة لا بأس بها -بشرط أن تكون هذه الخاتمة نتيجة منطقية لأحداث التحقيق وشخصياته.
وخير خاتمة للموضوعات الدراسية، وتحقيقات البحث في المشاكل العامة، تلك التي تقدم حلولا واقتراحات إيجابية فيما يتصل بالمسائل العامة المطروحة للمناقشة والدراسة. ولا شك أن الصحافة بمثل هذه التحقيقات تؤدي رسالة هامة في النقد والتوجيه، كما أنها توجه الرأي العام إلى العناية بالشئون العامة سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.
وقد رأينا أن التحقيق الصحفي قد يمثل شريحة من شرائح الحياة، أو قطاعا من قطاعات المجتمع، أو صورة من الصور النابضة بالحياة. وهنا لا مكان للتوصيات أو الاقتراحات، وإنما تأتي الخاتمة بشكل صورة مصغرة للصورة العامة، كالفنان الذي يستطيع أن يرسم اللوحة الضخمة ملخصة في خطوط بسيطة، ولكنها قوية ومعبرة. ولا شك أن ذوق الصحفي، وقدرته على التعبير الفني، والتحليل النفسي -وخاصة في التحقيقات التي تدور حول الشخصيات، تعد -بحق- من أهم مميزات الفنان الصحفي المجيد. والمهم أن تكون الخاتمة جزءا جوهريا من التحقيق وليس مجرد إضافة يمكن الاستغناء عنها.
دور التصوير في التحقيق الصحفي:
وهكذا نرى أن بناء التحقيق الصحفي يتكون من عنوان ومقدمة وصلب للموضوع ثم خاتمة أو نهاية. وليس معنى قوالب العرض والقصة والوصف والاعتراف والحديث، أن كل نوع من هذه الأنواع منفصل تماما عن غيره، بل إننا كثيرا ما نجد التحقيق الصحفي الواحد وقد تضمن زوايا مختلفة من هذه