والاقتصاد في الكتابة مع البعد عن الحشو والإسهاب، والموضوعية في نقل الآراء والاتجاهات، والأمانة في تصوير أبعاد المشكلات. حقيقة أن التحقيق الصحفي يحتاج إلى الاستعانة بآراء الخبراء، ووجهات نظر المتخصصين والفنيين، مما يتطلب إجراء أحاديث ومقابلات معهم، غير أن وظيفة الفن الصحفي، لا تكون هي مجرد النقل أو الاقتباس، إنما التحويل من التخصص الدقيق إلى التعبير العام الشامل الذي يفهمه الناس، وهنا تلعب الصورة دورا في التعريف والإبانة والتصوير؛ لأن الموضوعية والأمانة في النقل هما أساس ذلك الفن "التسجيلي" -فن التحقيق الصحفي.

لذلك فإنه يندر نشر تحقيق صحفي بدون صور فوتوغرافية، ورسوم بيانية، وخرائط إيضاحية، ونماذج تفسيرية. ولا يوجد مثل التحقيق الصحفي كفن يطبق فيه مبدأ العامل السيني1 أو التأثير الثالث، وهو إشراك القارئ مشاركة إيجابية في فهم المضمون الصحفي وتصوره واستيعابه، ولا يتم هذا التأثير إلا بتفاعل الألفاظ والصور تفاعلا تاما يلقي الضوء على المضمون الصحفي. والمعروف أن الألفاظ رموز أو صور مرئية للكلام المسموع، فكأن العين حين تقرأ الألفاظ تنقل إلى المراكز السمعية في المخ صورا للألفاظ الصوتية. أما الصور، فإنها رموز مرئية خالصة تعبر عن موضوعات مرئية أصلا. وعلى ذلك فإننا نستغل قوى السمع والأبصار عندما ننشر مادة صحفية بالألفاظ والصور، مما يؤدي إلى تصوير الأحداث تصويرا ينبض بالحياة والواقعية.

ويستفيد الفن الصحفي الحديث من تفاعل العبارات اللفظية والصور لخلق إحساس واقعي يقترب كثيرا من الحادث الأصلي، وينقله بأمانة موضوعية. ولا بد أن تتوافق الصور والكلمات توافقا فنيا يشبه التوافق الموسيقى بين أجزاء اللحن لخلق نغمة واحدة. ولا غنى عن التعبير اللفظي حتى في حالة الصورة المفردة؛ إذ لا يمكن للصورة وحدها أن تدل على اسم صاحب الصورة، أو اسم المكان، أو الزمان. هذا فضلا عن النواحي الفكرية والعاطفية التي لا يتم التعبير عنها في وضوح إلا بالعبارة اللفظية مقترنة بالصورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015