الصور الفوتوغرافية، والرسوم الإيضاحية، والخرائط التفسيرية، والنماذج التي تيسر الفهم لكافة المستويات الثقافية. ولذلك فإننا قد نتحدث عن "إنتاج" التحقيق الصحفي، ولا نكتفي بمجرد كتابته أو تحريره، علما بأن التحقيق يتضمن الحوار والمناقشة والحديث الصحفي والاستقصاء والبحث والدراسة، بشرط أن يتم كل ذلك في إطار الواقع العملي، ويعبر عنه باصطلاحات مفهومة للجميع، مع الابتعاد عن المصطلحات العلمية والفنية المجردة.

وما أقرب فن التحقيق الصحفي من فن الفيلم التسجيلي السينمائي! فإذا كانت جريدة الأخبار الناطقة في السينما تناظر الجانب الأخباري من الصحافة، كما أن الأفلام الدرامية تناظر الجوانب القصصية والترفيهية من الصحافة، فلا شك أن الفيلم التسجيلي هو ما يناظر فن التحقيق الصحفي. وكلاهما -الفيلم التسجيلي والتحقيق الصحفي- لا بد وأن تتوفر فيه عناصر الواقعية والصدق والتغطية الكاملة من زوايا متعددة، فضلا عن التشويق والتحليل والتبسيط وإثارة انتباه القارئ أو المشاهد بما وراء الأخبار من خلفيات وشخصيات -على أن يتم ذلك كله بطريقة فنية خلاقة، وهذا هو التناول الإبداعي للواقع -على حد قول جريرسون1.

وإذا كان ثمة فن من الفنون الصحفية يستطيع أن يقف صامدا في مواجهة الإذاعة والسينما والتليفزيون، فهو فن التحقيق الصحفي، إذا أحسن إنتاجه، وأتقنت لغته وعباراته. وعالم اليوم يفكر بأسلوب بصري جديد، وهناك عدد كبير من المتعلمين الجدد الذين يريدون أن يدخلوا عالم الثقافة من خلال التعبير المصور، والأسلوب المبسط، والألوان الزاهية المعبرة، وهكذا يدخل فن التحقيق الصحفي لكي يعلم ويثقف ويوجه ويرشد ويفسر ويمتع. وفي عصرنا الذي يسوده التخصص الضيق، يستطيع هذا الفن أن يربأ الصدع، ويملأ الثغرات الفاصلة بين شتى التخصصات في المجتمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015