الجدة والطرافة؛ لأن التحقيق الصحفي لا يهدف إلى مجرد التسجيل، بل يهدف كذلك إلى الإعلام والتفسير والتوجيه والترفيه والتسويق والتنشئة الاجتماعية.

وقد يكون التحقيق إعلاميا أو تفسيريا أو توجيهيا أو ترفيهيا أو تعليميا أو إعلانيا، غير أنه في معظم الأحيان يحقق أكثر من هدف واحد من تلك الأهداف. والمهم أن يكون التحقيق موضوعيا سلسا في أسلوبه، مشوقا في معلوماته، جذابا في معالجته، وقبل كل شيء يتسم بالوضوح والجلاء والتحقيق الصحفي يرتبط ارتباطا وثيقا بفن المجلة، "وهذه مشتقة من مادة جلا أو جلاء أو ظهر ووضح، ومنها جلية الأمر أي ما ظهر حقيقة أي الخبر اليقين. والمجلة هنا بمعنى أنها استجلاء حقيقة من العالم"1. ولا نبالغ إذا قلنا إن خير تعريف للتحقيق الصحفي نفسه أنه استجلاء حقيقة من العالم المحيط بنا، ومعالجتها بأسلوب واقعي مشوق جذاب.

ويقسم الإنجليز الفن الصحفي إلى قسمين رئيسين: أما القسم الأول فهو الأخبار، أما القسم الثاني فهو المعالم، وهذا القسم الثاني يهتم بتوضيح معالم الأنباء والأفكار، فالخبر يعطي الحقيقة مجردة، أما المعالم فتفسر ما وراء الخبر. فرواية خبر من الأخبار كحادث قتل في وقت معين ومكان محدد مع ذكر اسم القاتل والقتيل وغير ذلك من التفاصيل يدخل في باب الخبر، ولكن القارئ يحب -عادة- أن يعلم شيئا عن حياة القتيل وسيرة القاتل، ويورد أن يعرف شيئا عن دوافع الجريمة، وربما دوافع الجرائم بصفة عامة، وهنا تأتي وظيفة المعالم في التفسير والشرح والتعليق والإيضاح.

إن فن التحقيق الصحفي هو فن التنوير والتثقيف بأسلوب جديد يصل إلى كافة الأفهام. وهو فن يختلف عن فن الكتاب العادي؛ لأنه ينطوي على تحرير صحفي, وفن تصويري، وتجسيد للمعاني، وتبسيط للحقائق، مع استخدام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015