فهذا التشديد جاء لسبب انتشار الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة في بلاد العجم ومقر الشيعة والخوارج وعدم تمييز الصحيح من غير الصحيح، ولم يتم في عصره وضع الموازين لنقد الأحاديث، ولم تدون الصحاح من غيرها، ولهذا لم يقبل العلماء خبر الآحاد في الأمور الاعتقادية، لأن العقيدة لا تؤخذ إلاّ بالأدلة القطعية كما هو معروف في أصول الشريعة.

وقد طعن بعض الناس في أبي حنيفة بعدم أخذه بخبر الآحاد ولكن الصحيح هو أخذه به وهذا مبسوط في آثار محمد بن الحسن الشيباني وفي كتاب أصول فخر الإسلام وفي الميزان للشعراني وغيرها من كتب الفقه.

فلماذا لا نقول بعد هذه الشبهات الواردة والأعذار الصريحة بأن الإمام أبا حنيفة لم يقصد بكثرة قياسه توهين حجية السنة بل فعل هذا معذوراً، فلو دونت الأحاديث الصحيحة وعثر عليها الإمام لأخذ بها وترك كل قياس قاسه إذا كانت السنة تخالفه. هكذا ينبغي للباحث أن يضع الأمور في موضعها ولا يفرط ولا يقصر ولا يتعصب ولا يتحزب، فكل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون.

وهذا الذي ننتظر من إخواننا المسلمين الذين ينتسبون إلى مذهب من المذاهب إذا بان لهم الحق ليكونوا معه. نسأل الله التوفيق والسداد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015