ما حوله من البقل ويتخلى عن الدنيا ثم قال: لو أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فإن أذن لي فعلت وإلا لم أفعل , فأتاه فقال: يا نبي الله إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثتني نفسي بأن أقيم وأخلّي من الدنيا.

فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفسي بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) (?).

وأما الأشياء التي تحصل لهم في خلواتهم فليست كرامات رحمانية كما يظنون , وإنها أحوال شيطانية كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه:

" وهذه الخلوات قد يقصد أصحابها الأماكن التي ليس فيها أذان ولا إقامة ولا مسجد يصلي فيه الصلوات الخمس , مهجورة إما مساجد وإما غير مساجد , مثل الكهوف والغيران التي في الجبال , ومثل المقابر لاسيما قبر من يحسن به الظن ومثل المواضع التي يقال أن بها أثر نبي أو رجل صالح , ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات رحمانية " (?).

هذا وقد ذكر الجامي عن الصوفي المشهور شمس الدين التبريزي أنه كان يمكث في خلوته ثلاثة شهور لا يخرج منها أصلا , كما أنه لم يكن يسمح أحداً بالدخول فيها (?).

والشعراني يذكر صوفياً آخر مكث تسعة شهور في خلوته منقطعاً عن الخلق تاركاً للجمعة والجماعة فيقول:

" أنقطع الشيخ عبد الحليم المنزلاوي في الخلوة تسعة شهور يقرأ في الليل ختماً وفي النهار ختماً , ثم خرج ينفق من الغيب إلى أن مات , وأقمت عنده في زاويته نحو سبعة وخمسين يوماً فما رأيت الفقراء احتاجوا إلى شيء إلا ويخرج لهم من كيس صغير كعقدة الإبهام جميع ما يطلبونه " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015