وحكى العطار عن فتح الموصلي أنه كان يبكي كثيرا حتى جرى الدم من عينيه , فسئل: لماذا هذا البكاء الشديد؟

قال: خوفا من الله (?).

ومثل ذلك نقل عنه ابن الملقن أيضا حكاية عن أبي إسماعيل أنه قال:

" دخلت عليه يوما , وقد مدّ كفّه يبكي , حتى رأيت الدموع من بين أصحابه تتحدر , فدنوت منه لأنظر إليه , فإذا دموعه قد خالطها صفرة , فقلت: بالله يا فتح , بكيت الدم؟

فقال: نعم , ولولا أنك حلفتني بالله ما أخبرتك , فقلت: على ماذا بكيت الدموع ثم الدم؟

فقال: بكيت الدموع على تخلفي عن واجب حق الله , وبكيت الدم بعد الدموع حزنا ألا تكون قد صحت لي توبتي (?).

وقال عماد الدين الأموي:

" حكي أن الحسن البصري أقام ثلاثين سنة لم يضحك ".

وقيل: " إن عطاء السلمي لم يضحك أربعين سنة , وهذا كان حال سائر عباد البصرة غلبت عليهم المخاوف فكان حالهم الحزن " (?).

وقد عدّ المتصوفة الحزن الدائم وعدم الضحك من علائم الخشية والتقوى مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو أتقى العالمين وأخشاهم لله - كان يضحك ويبستم , وقد روى عن عبد الله بن الحارث أنه قال:

" ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015