ومثل جمع همه المجنون في ليلى لأنه حينما لم يكن يراها كان كل العالم وكل الموجودات عنده صورة ليلى " (?).

وكثيراً ما يذكر الصوفية عند بيان مصطلحاتهم العشق الغزلي والحب الطبيعي , ويشبهون الله عز وجل بمعشوق مجازي ويحملون وصفه سبحانه وتعالى على ليلى وغيرها , ثم يحاولون ربط العلاقة بين الحبين , سنذكر هذا المبدأ مفصلاً في هذا الباب إن شاء الله.

وعلى كلّ فإن الصوفية تكلّموا وراء ستار هذه المصطلحات والكلمات في موضوعات لا تمتّ إلأى الإسلام بصلة , وأعتقدوا بالحلول والاتحاد , والوصول والاتصال. وقد استغرب المسلمون عقائدهم وأفكارهم هذه.

فما يدّل على اعتقاد الصوفية بحلول ذات الله تعالى في العبد اصطلاحهم " الفناء " , وهو من أهمّ المصطلحات التي يقوم عليها مذهبهم وتتأسس عليها ديانتهم. والفناء عند المتصوفة: فناء ذات العبد في ذات الرب , فتزول الصفات البشرية في هذا المقام , وتبقى الصفات الإلهية , وتفنى جهة العبد البشرية في الجهة الربانية فيكون العبد والرب شيئاً واحداً - والعياذ بالله -.

فيصرح داود بن محمود القيصري:

" المراد من الفناء فناء جهة العبد البشرية في الجهة الربانية إذ لكل عبد جهة من الحضرة الإلهية. . . وهذا الفناء موجب لأن يتعين العبد بتعينات حقانية وصفات ربانية " (?).

ويقول النفزي الرندي:

" فناء الذات: أي لا موجود على الإطلاق إلا لله تعالى , وأنشدوا في ذلك:

فيفنى ثم يفنى ثم يفنى ... فكان فناؤه عين البقاء " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015