بغداد في شهر رمضان , فأعطوه في مسجد الشونيزية وأسلموا إليه إمامه الدراويش , فأمهم حتى العيد , وكان يختم القرآن خمس مرات في التراويح , وكان الخادم كل ليلة يضع قرصا في الخلوة , فلما كان يوم العيد رحل رضي الله عنه , ونظر الخادم فكانت الثلاثون قرصا في مكانها " (?).
ومن الغرائب أن هذه القصة البسرى بعينها بألفاظها ومدلولاتها , ولو كانت للطوسي نفسه لم يكن ليسردها للآخر.
أو أن الحكايات واحدة من الأولين والآخرين.
وعلى كل فإن المكي أبا طالب زاد عليهما حيث حكى عن أحد المتصوفة أنه وقف على راهب فذاكره بحاله وطمع في إسلامه وترك ما هو عليه من الغرور , فكلمه في ذلك بكلام كثير إلى أن قال له الراهب: فإن المسيح كان يطوي أربعين يوما وأنا معتقد إعجاز هذا , وأنه لا يكون إلا لنبي.
فقال له الصوفي: فإن طويت خمسين يوما ما تترك ما أنت عليه وتدخل في دين الإسلام , وتعلم أن ما نحن عليه حق وأنك على باطل؟
قال: نعم. فقعد عنده لا يبرح ولا يذهب إلا من حيث يراه الراهب إلى أن طوى خمسين يوما. فقال: أزيدك أيضا , فطوى إلى تمام الستين فعجب الراهب منه وأعتقد فضله وفضل دينه وقال: ما كنت أظن أن أحدا يجاوز فعل المسيح عليه السلام ولكن هذه أمة تشبه بالأنبياء في العلم والفضل (?).
وروى ابن الملقن عن أبي بكر الفرغاني:
أنه دخل مصر على هذا الزي , فعرف بها , وأجتمع إليه الصوفية , فتكلم عليهم , فعرض له السفر , فقام من مجلسه , وخرج معه نحو من سبعين منهم , فمشى في يومه فراسخ , لا يعرج على أحد , فأنقطع من كان خلفه , وبقي منهم قليل , فألتفت إليهم وقال: " كأني بكم قد جعتم وعطشتم؟ " , فقالوا: " نعم! " فعدل بهم إلى دير فيه صومعة