حتى تصير أصواتاً وكلاماً حتى يسمع من جميع جوارحه وأجزائه أصواتاً إلا من لسانه فإن اللسان لا ينطق في هذه الأحوال والعبد ملازم لهمته لأنه يتيقن أنه لولا حظ وطلب علم هذه الأذكار نفى عنها إلى غيرها وهذا بعد أن وقع الذكر على القلب فأما في حال ذكر اللسان فيكون هذه الحركات والاختلاجات للجوارح لكن لا بهذه القوة " (?).
ثم يبيّن الخواطر والأحوال التي ترد على البعد يسمع العبد أصواتاً أحلى ما يكون , وأحسن ما يكون حتى كأنها ألذ وأطرب وأشهى من أصوات الأوتار والمزامير والرابط , وكل صوت حلو حسن.
ثم هذا الخاطر من الشيطان يكون بهذه الحالة , وربما يكون أتمّ حلاوة من هذا الذي من الحق في الصورة (?).
ومن تلك الآداب " أن يستمدّ عند شروعه في الذكر بهمة شيخه بأن يشخصه بين عينيه , ويستمدّ من همته ليكون رفيقه في السير.
ومنها أن يرى استمداده من شيخه هو استمداده حقيقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه واسطة بينه وبينه. . .
ومنها اختيار الموضع المظلم من خلوة أو سرداب. . .
ومنها أن يخيل شخص شيخه بين عينيه ما دام ذاكراً , وهذا عندهم ما آكد الآداب. . . وأجمعوا على أنه يجب على المريد الجهر بالذكر بقوة تامة وأن ذكر السر والهوينا لا يفيده رقياً (?).
هذا وإن الله تعالى يقول:
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} (?).