حبه مسكينا ويتيما وأسيرا , أصحاب الأهل والعيال , وأرباب البيوت والأموال , يبتغون فضلا من الله ورضوانا , اللهم إلا من لم يجد إليها سبيلا , مغلوبا على أمره مقهورا مجبورا , وكان يكد ويجد ويجتهد صابرا شكورا إلى أن يغنيه الرزاق ذو القوة المتين.

خلافا للمتصوفة الذين جعلوا مسلكهم مبنيا على الغلو والتطرف , ومسلكهم على التعنت والتقشف , الذي لم ينزل الله به من سلطان , ولم يأت به في السنة من برهان , مخالفين طريقة نبي الله وصفيه وطريقة أصحابه خيار خلق الله وأوليائه , مخترعين مبتدعين غير مقتدين ولا متبعين , فقالوا: ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات (?).

وذكروا أن الجوع هو ركن من أركان التصوف وأساس من أسسه فقال قائلهم: " شأن المزيد كثرة الجوع بطريقة الشرعي , وهو معظم أركان الطريق , فكما أن الشارع جعل معظم الحج عرفة , كذلك أهل الله جعلوا الجوع هو الطريق " (?).

ونقل النفزي الرندي أن الجوع أحد الأركان الأربعة للتصوف , والبقية هي:

الصمت والخلوة والسهر , ومن حصل عليها فقد حصل على كلية الدواء والتحقق بزمرة الأولياء والبدلاء " (?).

وقال الشعراني: " كل فقير لا يحصل له جوع ولا عري فهو من أبناء الدنيا , ليس له في طريق الفقراء نصيب " (?).

وعلى ذلك نقل القشيري عن أبي علي الروذباري أنه قال:

" إذا قال الصوفي بعد خمسة أيام: أن جائع فألزموه السوق وأمروه بالكسب " (?).

وذكر الكمشخانوي عن الجوع أنه أحد أركان المجاهدة , وبسببه تنفجر ينابيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015