والحركات على التصفيق والبكاء والتصدية , وضربات الذكر , وتحريك الرأس والجسم آلياً وبهلوانياً , والجلوس بين يدي الشيخ كالجلسة بين يدي الربّ الخشوع والخضوع , وعدم التنفس أمامه والسؤال منه والاعتراض عليه وعلى كل ما يفعله ويأمر به , والمكوث في سراديب الأرض واللبث في كهوف الجبال وغيرانها , وغير ذلك من الخرافات والخزعبلات.
فالإسلام دين يشمل الدنيا والآخرة , ويعامل الإنسان كما خلق في أحسن تقويم , مكرم ومعظم , وله حقوق , وعليه فرائض , وله إخوان وخلاّن وأهل وعيال , ووالد وما ولد , وأقارب وجيران , وأسرة وبيئة يعيش فيها ومجتمع يحيطه , فلا يستغني عنهم ولا يستغني عنه , وعلى ذلك يقال: إن الإنسان مدني الطبع , وهو كذلك , ولذلك بعث الله النبيين وأرسل الرسل ليهدوه ويسلكوا سبيل المؤمنين المتقين والمعتدلين يراعون الذمم , ويصلون الرحم ويوفون بالعهود , ويرحمون الصغير , ويوقرون الكبير , ويداوون المريض , ويواسون الجريح , ويجبرون المكسور , ويقرون الضيف , ويراعون اليتيم , ويعطون المسكين , ويحافظون على ما أمر الله بحفظه , ويراعون الله فيما أمرهم برعايته , ويخافونه ويتقونه حق تقاته.
ولكن التصوف ليس هكذا , فهو إنزواء وحشة وتنافر من الناس وأعتزال عنهم , ثم رقص وسماع , وأكل وشرب على الإستجداء , ونوم في الروابط , لا الكسب ولا الطلب , ولا الزواج ولا المعاشرة , ومخالفة فطرة الله التي فطر الناس عليها.
وقد ذكرنا أشياء منها , نذكر ههنا من بدع القوم ومحدثاتهم التي علقت بهم ولزمتهم , أو عرفت بهم وعرفوا بها.
فمن بدعهم ما يسمونه سماعاً , وهو: سماع أناشيد وأبيات غزلية فيها ذكر الهجر والوصل , والقرب والبعد , والعذاب الملامة , والعذل واللوم , والقطيعة والشوق , والحب والعشق , والحبيب والمعشوق , والقدود والخدود , والحسن والجمال , والغنج والدلال , والخمر والكؤوس , والساقي والسيقان , مع الآلات وبدونها مكاء وتصدية ,