ويقول سمنون المحب: الفقير الصادق هو الذي يأنس بالعدم كما يأنس الجاهل بالغنى (?).
ومن إحدى خرافات النفري في مواقفه أنه قال:
" قال لي الله: إن كنت ذا مال فما أنا منك , ولا أنت مني " (?).
وحكى ابن الملقن في هذا المعنى عن الجنيد أنه قال:
" جاء إبراهيم الصياد يوماً إلى سرى وهو متزر بقطعة حصير , فأمر السري فجيء بجبّة فأمتنع من لبسها , فقال له سرى: ألبسها , فإنه كان معي مقدار عشرة دراهم من موضع حلال فأشتريها به ,فنظر إليه شزرا , وقال: أنت تقعد مع الفقراء ومعك عشرة دراهم , وأمتنع من أخذها " (?).
ولذلك لا يشتغلون بالكسب وطلب المعاش , بل يظنونه ركوناً إلى الدنيا (?).
وأما الحج فأحياناً يستهزؤن به , وأحياناً كانوا يخرجون له بدون زاد وراحلة يتكففون الناس ويستجدون منهم , ويمدون الأيدي إليهم , وقد مر بيان هذا فيما سبق عند ذكر تطرفهم في التوكل.
وأما تركه والإستهزاء به فيذكر العطار عن أبي يزيد البسطامي أنه خرج مرة للحج , فرجع من الطريق فسألوه عن السبب , فقال: لقيني في الطريق رجل حبشي وقال لي: لماذا تركت الله ببسطام فرجعت (?).
ونقل السهلجي والعطار عن البسطامي أيضاً أنه قال:
" خرجت إلى الحج , فاستقبلني رجل في بعض المتاهات فقال: أبا يزيد إلى أين؟ فقلت: إلى الحج , فقال: كم معك من الدراهم؟