بأن الحسن والقبح لم يجتمعا فى الفعل المنسوخ فى وقت واحد حتى يلزم التضاد. فالحسن كان فى وقت العمل بالفعل المنسوخ، والقبح كان فى وقت آخر.
فالنهى تعلق بما لم يتعلق به الأمر، ومتى أمر الشارع بشيء ثم نسخه علمنا بأن الأمر كان إلى ذلك الوقت. ومن ثم فلا يكون النهى مما تعلق به الأمر.
أضف إلى ذلك أن هذا الذى ذكرتموه لو كان دليلا على إبطال النسخ لوجب أن يجعل دليلا على إبطال التخصيص فيقال: إنه إذا أمر بقتال المشركين لا يجوز أن ينهى عن قتال أهل الذمة لأن الأمر بالقتل يدل على حسنه والنهى عنه يدل على قبحه، ولا يجوز أن يكون الشيء الواحد حسنا قبيحا، ولما لم يصلح أن يقال هذا فى إبطال التخصيص لم يصلح أن يقال مثله فى إبطال النسخ.
«لم لا يجوز أن يكون ذلك الفعل مصلحة فى وقت ومفسدة فى وقت آخر؟ فيأمر به فى الوقت الذى علم أنه مصلحة فيه وينهى عنه فى الوقت الذى علم أنه مفسدة فيه. كما لا يمتنع أن يعلم فيما لا يزال:
أن أمراض زيد وفقره مصلحة له فى وقت، وصحته وغناه مصلحة له فى وقت آخر فيمرضه ويفقره حين يعلم أن ذلك مصلحة، ويغنيه ويصحه