وتبديله، لكن المعنىّ به تبديل مكان الآية بإنزال آية بدل ما لم ينزل، فيكون ما لم ينزل كالمبدل بما أنزل.
قلنا: هذا تعسّف بارد فإن الذى لم ينزل كيف يكون مبدلا والبدل يستدعى مبدلا؟ وكيف يطلق اسم التبديل على ابتداء الإنزال فهذا هوس وسخف.
ثالثا: قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (?).
فهذه الآية الكريمة تفيد تحريم ما أحل من قبل، وهذا هو النسخ، وقوله تعالى: أحلّت لهم يفهم منه أن الحكم الأول كان حكما شرعيّا لا براءة أصلية.
رابعا: أن سلف الأمة أجمعوا على أن النسخ وقع فى الشريعة الإسلامية كما وقع بها (?).
يلاحظ أنه يستدل لأبى مسلم على الجواز العقلى بدليلى الجمهور السابقين، ويستدل له على أن النسخ غير واقع فى شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: لا
يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (?)
وجه الدلالة: النسخ باطل لأن فيه إلغاء للحكم المنسوخ، فلو وقع فى القرآن لأتاه الباطل وفى ذلك تكذيب لخبر الله تعالى والكذب فى خبره تعالى محال.