بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وإضافة الرفع إلى الحكم قيد أول فى التعريف يخرج به ابتداء إيجاب العبادات فى الشرع، فإنه يرفع حكم العقل ببراءة الذمة، وذلك كإيجاب الصلاة فإنه رافع لبراءة ذمة الإنسان منها قبل ورود الشرع بها، ومع ذلك لا يقال له نسخ، وإن رفع هذه البراءة لأن هذه البراءة ليست حكما شرعيّا، وإنما هى حكم عقلى.

بمعنى أنه حكم يدل عليه العقل حتى قبل مجىء الشرع ولا يقدح فى كونه حكما عقليّا أن الشرع جاء يؤيده بمثل قوله تعالى:

وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (?)

قال الشيخ عضد الله والدين رحمه الله (?):

« ... فقوله رفع الحكم الشرعى ليخرج المباح بحكم الأصل فإن رفعه بدليل شرعى ليس بنسخ».

وقولهم: «بدليل شرعى»: الدليل الشرعى هو وحى الله مطلقا، سواء كان متلوّا أو غير متلو، غير أن النسخ يشترك فيه الكتاب والسنة فقط دون الإجماع حيث إنه لا ينسخ ولا ينسخ به.

وهذا القول قيد ثان فى التعريف يخرج به رفع حكم شرعى بدليل عقلى كسقوط التكليف عن الإنسان بموته أو جنونه أو غفلته، فإن سقوط التكليف عنه بأحد هذه الأسباب يدل عليه العقل إذ الميت والمجنون والغافل لا يعقلون خطاب الله تعالى حتى يستمر تكليفهم، والعقل يقضى بعدم تكليف المرء إلا بما يتعقله، ومولانا جل شأنه إذا أخذ ما وهب أسقط ما وجب، ولا يقولن قائل: إن الرفع بالنوم والجنون والغفلة بدليل شرعى، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم، وعن المجنون حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015