اتفاقا، لأن الاختلاف فيها قليل، ثم إنه غير ظاهر بخلاف الوجه ونحوه، فتعين أن يكون المراد باللسان هو اللغة مجازا كما فى قوله تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ (?).
وعلى هذا فلو لم تكن اللغة توقيفية لما امتن الله علينا بها.
ونوقش هذا الدليل: بأن الألسنة ما دام قد أريد بها اللغات مجازا، فلا شك أن الآية كما تحتمل الامتنان بالخلق والوضع، تحتمل كذلك أن يكون الامتنان بخلق القدرة على وضعها من البشر، وكلا الأمرين علامة وآية على قدرة الله سبحانه وتعالى، وما دام لا قرينة ترجح أحد الاحتمالين على الآخر، يكون حملها على الخلق والوضع دون الإقدار على الخلق والوضع تحكما وترجيحا بلا مرجح (?).
رابعا: أن الاصطلاح إنما يكون بأن يعرف كل واحد منهم صاحبه ما فى ضميره، وذلك لا يعرف إلا بطريق كالألفاظ والكتابة، وكيفما كان فإن ذلك الطريق إما الاصطلاح ويلزم التسلسل أو التوقف وهو المطلوب.
ونوقش هذا الدليل: يمنع لزوم التسلسل لأن المراد وضع الواضع هذا الاسم لهذا المسمى، ثم تعريف غيره بأنه وضعه كذلك، وليس المراد أن الاصطلاح لا يكفى فى التعريف باعتبار ذاته، بل لا بدّ فى تعريفه للغير من اصطلاح آخر حتى يلزم التسلسل.
خامسا: لو كانت اللغات من وضع البشر لجور العقل اختلافها، وأنها على غير ما كانت عليه، لأن اللغات قد تبدّلت وتغيّرت وحينئذ لا يوثق بها.