وذلك لا يتم إلا بأن يعرفه ما فى نفسه فاحتيج إلى وضع شىء يحصل به التعريف.
تقدم أن الشخص محتاج إلى أن يعرف الغير ما فى نفسه، وجدير بالذكر التنبيه على أن هذا التعريف يكون بواحد من ثلاثة هى:
(أ) اللفظ.
(ب) الإشارة.
(ج) المثال.
ولما كان اللفظ أعم الثلاثة وأنفعها كانت الحاجة ماسة إلى وضعه للتعريف به.
«ومن لطف الله تعالى إحداث الموضوعات، لأنها أفيد هذه الثلاثة وأيسرها. أما كونها أفيد فلأنها تعم كل شىء معلوم موجود ومعدوم إلى غير ذلك لإمكان وضع اللفظ بإزاء ما أريد من تلك المعانى، بخلاف الإشارة فإنها مخصوصة بالموجودات المحسوسة وبخلاف المثال، وهو أن نجعل لما فى الضمير شكلا فإنه أيضا كذلك لا يعسر بل يتعذر أن يجعل لكل شىء مثال يطابقه، وأما كونها أيسر فلأنها موافقة للأمر الطبيعى لأن الحروف كيفيات تعرض للنفس الضرورى، ولا شك فى أن الموافق للأمر الطبيعى أسهل من غيره».
ومعنى هذا الكلام أن تعريف الشخص الآخرين ما يجول بخاطره لا يكون إلا بطريق من أصوات مقطعة أو حركات مخصوصة- مثلا- فجعلت الأصوات المقطعة هى الطريق إلى التعريف لأنها أسهل من غيرها، وأقل مؤنة، ولكون إخراج النفس أمرا ضروريا صرف هذا الأمر