المدة بكمالها إلى كل واحد منهما، فلما قام النص الأول فى أحدهما بقى الثانى على أصله، ومثّل ذلك بالأجل الواحد للدينين، فإنه مضروب بكماله لكل واحد منهما، وأيضا فإنه لا بدّ من اعتبار مدة يبقى فيها الإنسان بحيث يتغير الغذاء، فاعتبرت مدة يعتاد الصبى فيها غذاء طبيعيّا غير اللبن، ومدة الحمل قصيرة فقدمت الزيادة على الحولين.
فإن قيل: العادة الغالبة فى مدة الحمل تسعة أشهر، وكان المناسب فى مقام الامتنان ذكر الأكثر المعتاد لا الأقل النادر كما فى جانب الفصال.
فالجواب: أن هذه المدة أقل مدة الحمل، ولما كان الولد لا يعيش غالبا إذا وضع لستة أشهر كانت مشقة الحمل فى هذه المدة موجودة لا محالة فى حق كل مخاطب، فكان ذكره أدخل فى باب المناسبة، بخلاف الفصال لأنه لأحد لجانب القلة فيه، بل يجوز أن يعيش الولد بدون ارتضاع من الأم، ولهذا اعتبر فيه الأكثر لأنه الغالب، ولأنه اختيارى كأنه قيل: حملته ستة أشهر لا محالة إن لم تحمله أكثر (?).
ومثله استنباط الأصوليين أن تارك الأمر يستحق العقاب من قوله تعالى: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (?) مع قوله جل شأنه: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ (?) وكذلك استنباط بعض المتكلمين أن الله خالق لأفعال العباد من قوله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (?)