وذوق، وهؤلاء بطالون قساة القلوب، لأن القلب لا يتوجه بالقصد والعبادة إلى العدم والنفي، وإنما يتوجه إلى أمر موجود.

ولهذا كانت الجهمية النفاة داخلين في نوع من الشرك، إذ كل معطل مشرك، وليس كل مشرك معطلاً.

والجهمية قولهم مستلزم للتعطيل، ففيهم شرك.

وقد يكون الشرك فيمن ليس منهم، إذ إخلاص الدين لله مستلزم لإثباته، وليس إثباته مستلزماً للإخلاص، فمن أثبت شيئاً من الحقائق مستغنياً عن الله كاستغناء الألوان في أنفسها عن النور، أمكنه أن يقول: هو بالنسبة إلى تلك الأمور كالنور بالنسبة إلى اللون، إذ قد تظهر به تلك الأمور، كما ظهر اللون لنا بالنور.

قال ابن رشد: فقد تبين لك من هذا القول الاعتقاد الأول الذي في هذه الشريعة، في هذه الصفة، يعني الجسمية، وما حدث في ذلك من البدعة.

قال: وإنما سكت الشرع عن هذه الصفة لأنه لا يعترف بموجود في الغائب أنه ليس بجسم إلا من أدرك برهاناً: أن في الشاهد موجوداً بهذه الصفة، وهي النفس.

ولما كان الوقوف على معرفة هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015