سواه مفتقر إليه من كل وجه، وليس شيء أفقر إلى شيء من المخلوق إلى الخالق، ولا شيء أغنى عن شيء من الخالق عن المخلوق، ولا يشبه فقر الخلق إليه وغناه عنهم شيء من أنواع الفقر والغنى.

وإذا قلنا: كالمفعول مع الفاعل، والمصنوع مع الصانع، والمبدع مع المبدع، أو كالمعلول مع العلة، والموجب مع الموجب، ونحو ذلك -فكل ذلك تقريب فيه قصور وتقصير منا، إذ ليس في الموجودات ما هو مع غيره كالمخلوق مع الخالق، ولا في الوجود مفعول له فاعل واحد له يستغني به، ولا معلول له علة واحدة تستغني به في الوجود.

بل كل ما في الوجود مما يظن أنه مفعول أو معلول لشيء من المخلوقات، فإن غايته إذا كان فاعلاً وعلةً، أن يكون محتاجاً إليه من وجه دون وجه.

وهو محتاج إلى غيره من وجه آخر، وهو فاعل وعلة له من وجه دون وجه.

وأما أن يكون في الموجودات ما هو مفتقر إلى فاعل أو علة، كافتقار المخلوقات إلى الخالق فلا.

وهذا من أسباب ضلال هؤلاء، فإنهم ضلوا في قياسهم الخالق، الذي ليس كمثله شيء، على المخلوقات، فيجعلون حال المخلوقات معه، كحال مفعولات العباد معهم، لا سيما وفيهم من يكون قوله شراً من ذلك.

ومن هذا الباب قول من جعل المعدوم شيئاً ثابتاً في الخارج،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015